التغيير المفترى عليه

0

بإقليم سيدي بنور، وبمناسبة الاستعداد للانتخابات العامة المقبلة، بدأ كثير من الفاعلين السياسيين المعروفين، من الأعيان المسيطرين على المناصب البرلمانية و المجالس المنتخبة تحديدا، في شحذ الآلات التنظيمية لأحزابهم، بتأسيس فروع جديدة في الجماعات التي طالما أهملوها لعقود، و تنظيم زيارات لبعض الدواوير المنسية، أو على شكل حملات في وسائل التواصل الاجتماعي عبر أتباعهم من الشباب.. و نظرا لتراكم الخبرات الانتخابية لدى هؤلاء الأعيان، تتم بالموازاة مع كل ذلك، إطلاق جملة من الوعود الانتخابية للأفراد و الجماعات، غالبيتها أكاذيب سوريالية مضحكة مبكية في آن واحد، مع حرصهم على حضور المناسبات كالأفراح و الجنائز .. كل هذه الأمور تبقى روتينية و عادية ألفها الجميع.. لكن المثير و الجديد حقا، هو لجوء أثرياء السياسة هؤلاء و أتباعهم من الشباب إلى رفع شعار كبير جميل براق، و جديد في خطابهم السياسي ويتعلق الأمر هنا بشعار( التغيير)  … نعم و يا للعجب العجاب، أن نرى في هذا الزمن الرديء كيف أصبح الفاسدون و المافيات الانتخابية المدججة بالمال الفاسد، يرفعون شعار التغيير، و يتغنى به أتباعهم في المحافل و المنتديات بدون خجل..
مبدئيا، نعم من حق أي فاعل سياسي أن يرفع ما يشاء من الشعارات بما لا يخالف القوانين و الأعراف، لكن سياسيا و أخلاقيا و منهجيا، لا بد من إبداء الملاحظات التالية:
– منطقيا، من يرفع شعار التغيير يجب أن يأتي بسلوكيات و مشاريع سياسية جديدة، مخالفة لما هو سائد، أما أن تستنسخ نفس السياسات و السلوكات، فهذه إعادة إنتاج و تدوير للقديم، واستنساخ و تأبيد لتجارب فاشلة اقتصاديا و اجتماعيا، و ليس تغييرا و لا هم يحزنون.. فإطلاق الوعود الكاذبة و استعمال المال لشراء الذمم ليس من التغيير في شيء، ومن السخافة أن يرفع فاعل سياسي شعار التغيير معلنا عن إعادة ترشيح نفسه ، و هو الذي استعمر رئاسة جماعة أو مقعد برلماني لعقود، دون أن يحقق لناخبيه شيئا يستحق الذكر . ذلك أن التغيير الحقيقي يكون بتغيير الوجوه القديمة و تعويضها بأخرى جديدة.. فالتغيير الحقيقي إذن هو أن يحاسب و يرحل هؤلاء الفاسدون ..
– هؤلاء الأعيان كما هو معلوم دأبوا على الترحال بين أحزاب إدارية صنعتها السلطة و شاركت في كل أو جل الحكومات المتعاقبة الفاشلة المغضوب عليها شعبيا، و رفعهم شعار التغيير اليوم لا يجوز أخلاقيا و سياسيا، فالتغيير يجب أن يكون خطاب أحزاب المعارضة، لا أحزاب السلطة التي كان يجب عليها ان ترفع شعار الاستمرارية ..
علمتنا التجارب السياسية البائسة المتخلفة في هذا الوطن ،أن رفع الشعارات من طرف الدولة و كثير من الفاعلين السياسيين لا يعني لهم أي شيء و لا تترتب عنه أية التزامات من طرفهم، فطالما تم التغني مثلا بالديمقراطية و دولة الحق و القانون و حقوق الإنسان و التنمية و هلم شعارات براقة زائفة .. و يبدو أن الهدف الأساسي من وراء رفعها،كان دائما هو تضليل الجماهير و خداعها و تزييف المبادئ التي تحملها قوى الممانعة و التغيير الحقيقي، و الأخطر من هذا كله هو تمييع هذه الشعارات.

Loading...