بقلم:. ذ. موسى مريد
قرر رئيس المجلس الجماعي للزمامرة تقديم استقالته من رئاسة نادي المدينة، رضوخا منه للدورية التي أصدرها وزير الداخلية حول مسألة تضارب المصالح. و للتذكير فقط، فقد طالبنا غيرما مرة الى جانب الكثير من الفاعلين، و منذ سنوات عديدة مضت ، بحل مشكلة تضارب المصالح هذه، إذ لا يعقل أن رئيس المجلس الجماعي يعمد سنويا الى ضخ مبالغ هامة تتجاوز نصف المليار على شكل منح من ميزانية الجماعة في مالية النادي الذي كان يرأسه هو شخصيا، و اعتبرنا أن هذا الأمر غير مقبول شكلا و مضمونا، و فيه استغلال لمنصبه السياسي، و يشكل تبذيرا للمال العام، و لا يعود بالنفع على ساكنة المدينة، سيما أن ميزانية الجماعة منهكة بالديون، و الساكنة تحتاج الى مشاريع اقتصادية و اجتماعية، زيادة على أن قطاعات السكن و الصحة و التعليم و التكوين و التشغيل لا تحظى بأدنى اهتمام من طرف الرئيس و أغلبيته..
صحيح أن تقديم رئيس الجماعة استقالته من رئاسة النادي، يحل المشكلة القانونية التي وجد الرئيس نفسه فيها بعد صدور دورية وزارة الداخلية في مسألة تضارب المصالح، و سيعتبر انتصارا لمعارضيه، لكن في نظرنا فإن الإشكال أعمق، و هو إشكال سياسي و تدبيري، يتعلق بمسألة الأولويات، و بطريقة التدبير و التسيير..
ذلك أن جميع المتتبعين يعرفون أن هذه الاستقالة ستبقى مجرد حبر على الورق فقط، باعتبار أن الرئيس سيعين على رأس النادي مسؤولا “شكليا” ، فيما سيظل من وراء الستار هو الآمر الناهي ، كما أنه سيستمر في الغالب مصرا على جعل مالية الجماعة هي الممول الرئيسي للفريق الذي بالمناسبة لا أحد يعرف شيئا عن ماليته و لا عن مكتبه المسير منذ آخر جمع عام سمعنا به!
إن المطلوب بداية يكمن في تغيير حقيقي في أسلوب تدبير الجماعة الموروث من ثقافة قديمة عرف بها الأعيان، و بالتسيير الفردي، و التدخل في كل شيء حتى في اختيار حارس مرمى فريق الكرة! و استبدالها بأسلوب حديث و طريقة عقلانية في التسيير، عبر إشراك أعضاء أغلبيته و المعارضة و المجتمع المدني في اليات اتخاذ و اقتراح و تتبع و تقييم القرارات..
و المطلوب ثانيا إعادة النظر في الأولويات، فرئيس أي جماعة يجب أن يضع نصب عينيه تنمية المدينة و ازدهارها و حل مشاكل ساكنتها و الاستجابة لتطلعاتهم في التعليم و الصحة و السكن و التشغيل، و ليس انتصار فريق الكرة في هذه المقابلة أو تلك! فساكنة المدينة تنتظر مبادرات حقيقية لإنقاذ المستشفى المحلي، و تتطلع الى قرارات كبرى كإيجاد الوعاء العقاري لبناء مدرسة و اعدادية و ثانوية لحل مشكلة الاكتظاظ في المؤسسات التعليمية ، و لتوفير معهد للتكوين المهني، و ينتظر كثير من التجار الصغار و الحرفيين بفارغ الصبر إخراج مشاريع أسواق نموذجية و مجمع للصناعة التقليدية، و يتوق الشباب المعطل الى مبادرات حقيقية لجلب استثمارات لتوفير مناصب الشغل..