بقلم: ذ. موسى مريد
“لَخْميسْ مْشَى أَ بّا” هكذا قال صديقنا احميدة قولته الشهيرة ذات يوم في إشارة إلى تردي الاوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية بالزمامرة .. تذكرت مقولته هذه و أنا أطلع على تدوينة لرئيس المجلس الجماعي للزمامرة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك يوم الأربعاء 20 شتنبر 2022 الماضي، يخبر فيها الرأي العام عزمه تحويل مكان انعقاد سوق خميس الزمامرة من تراب مدينة الزمامرة الى جماعة الغنادرة المجاورة. و قال الرئيس في تدوينته إن اجتماعا مشتركا بين المجلسين الجماعيين لكل من الزمامرة و الغنادرة انعقد حول هذا الموضوع، غير أن التدوينة التي أرفقها الرئيس بمجموعة صور للحاضرين في الاجتماع سالف الذكر، لم تتضمن أية معطيات أخرى، فلم يتحدث الرئيس عن أسباب هذا القرار المفاجئ، و لا عن قيام المجلس بدراسة في الموضوع، و ليست هناك من معطيات رقمية تخص الوعاء العقاري، و الوقع الاقتصادي على الساكنة وعلى اقتصاد المدينة و ميزانية الجماعة لهكذا قرار.. ببساطة و دون مقدمات أخبرنا الرئيس أن “لَخْميس مْشَى” ..
هذا الخبر أثار موجة من ردود الأفعال لدى الرأي العام المحلي، بين مؤيد و معارض له، و للمساهمة في هذا النقاش، و في انتظار المعطيات الرسمية حول هذا الموضوع، فإننا نورد الملاحظات التالية:
1- لَخْميس أو سوق خميس الزمامرة من أكبر و أشهر الأسواق في المغرب، يعتبر بمثابة تراث لا مادي و إرث تاريخي للمدينة، و مورد اقتصادي هام شكل مصدر رزق للآلاف من ساكنة المدينة و مرتاديه من التجار، وشكل منذ عشرات السنين هوية للمدينة التي اقترن اسمها بسوقها الأسبوعية، فقد عرف المغاربة الزمامرة بالخميس و الخميس بالزمامرة.. و لذلك، كان واجبا على الرئيس أن يعلن عن الأسباب الحقيقية التي جعلته يتخذ قراره بترحيل سوق لخميس، عوض أن يخبرنا بأن “لخميس مشى وصافي” كما قال صديقنا احميدة، و نحن هنا نطالبه بالخروج للرأي العام و شرح أسباب هذا القرار الخطير و الكبير..
2- إن اعتبار رئيس المجلس الجماعي أن الاجتماع سالف الذكر يأتي في إطار سلوكه نهج الحوار و المقاربة التشاركية، يبقى مجرد شعارات و كلاما مردودا عليه و لا يصدقه أحد، فالكل يعرف تركيبة المجلسين الجماعيين المذكورين، و التي يسيطر فيهما الرئيس على القرار بمفرده في ظل غياب معارضة حقيقية و وجوه سياسية وازنة ، مما يعني أن الرئيس عقد اجتماعا شكليا و إخباريا ، و لم يحاور في النهاية إلا نفسه .. و عليه، ندعو الرئيس الى محاورة الجميع، و الاستماع خصوصا إلى نبض ساكنة المدينة والتجار المعنيين بهذه القضية و جمعيات المجتمع المدني وكافة الطيف السياسي .. و نحذر هنا من مغبة الانفراد و التسرع في اتخاذ هذا القرار، مما قد يؤدي الى اضطرابات اجتماعية كما حدث في سيدي بنور المجاورة حين تم ترحيل سوق “الثلاث” و تم التراجع عن هذا القرار بعد احتجاجات واسعة ..
3- يعلل بعض المساندين لقرار ترحيل السوق الاسبوعية من الزمامرة الى جماعة الغنادرة بمشكلة الاكتظاظ و مشاكل السير و الجولان و كثرة العربات المجرورة بالمدينة يوم انعقاد السوق، لكن كل هذه الأسباب يمكن إيجاد حلول لها دون ترحيله الى جماعة أخرى، زيادة على أن هذا الاكتظاظ سيبقى حتى و لو تم ترحيل السوق الى دوار اولاد بن الشاوي أو الشواوشة مثلا، بل قد يتسبب ذلك في ارتفاع حوادث السير، هذا إضافة لما سيشكله من معاناة في التنقل لساكنة المدينة والتجار و ساكنة الدواوير البعيدة عنها..
4- لا بد في اعتقادنا من دراسة حقيقية يقوم بها مختصون، ترصد الآثار الاقتصادية لترحيل سوق لخميس على الساكنة كما على ميزانية المجلس الجماعي، ففي ظل ركود اقتصادي كبير تعرفه المدينة، و استفحال البطالة و الفقر، و في غياب سياسة تنموية حقيقية، فإن هذا القرار سيؤدي الى مزيد من استفحال الأوضاع العامة، كما سينعكس سلبا على مداخيل الجماعة..
5- نحذر هنا أيضا من جشع مافيا العقار، و نؤكد أن فضيحة تجزئة النصر لن تتكرر، و لن نسمح للوبيات الفساد بالاستيلاء على الوعاء العقاري للسوق الحالية، كما حدث في السوق القديم، في أسوإ فضيحة فساد سياسية عرفها تاريخ الزمامرة الحديث، و التي أدت الى انهاء المسار السياسي للكثير من الفاعلين..
و ختاما، فإننا بقدر ما نطالب رئيس المجلس الجماعي بعدم التسرع و فتح حوار مع الجميع حول هذه المسألة، فإننا ندعو ساكنة المدينة و قواها الحية الى الوحدة و التضامن لمواجهة أي مساس بقوت ساكنتها و مصدر رزقهم و هوية مدينتهم.